السياحة

ماذا تعرف عن الفيوم؟

محافظة الفيوم، تلك الواحة الخصبة التي تقع في الصحراء الغربية المصرية، والتي تتميز بطبيعتها الخلابة وآثارها القديمة، والتي تعتبر شاهدًا من الماضي السحيق، جاء لكي يروي لنا ثقافة وتاريخ عريق عاصره لهذه المدينة التاريخية مع أجدادنا من الفراعنة وقدماء المصريين، تتميز الفيوم بطبيعتها الخلابة وآثارها القديمة، وتقع المدينة على ضفاف بحيرة قارون، وهي أكبر بحيرة طبيعية في مصر، كما تضم المدينة العديد من المعالم الأثرية والتاريخية، وهنا سنحاول عرض أهم ما تجب معرفته عنها، في حال قررت زيارتها يومًا، باعتباره مرشد رحلتك، لذا لنتابع معنا في السطور التالية.

لماذا سميت الفيوم بهذا الاسم؟

قبل الخوض في الحديث عن هذه المحافظة، دعني أخبرك أولًا أصل تسمية هذه المحافظة بهذا الاسم، الفيوم هو اسم يُطلق على محافظة في مصر تقع في الجهة الغربية للنيل، وتحدها من الشمال محافظة بني سويف ومن الجنوب محافظة المنيا، يُعتبر مركز محافظة الفيوم هو مدينة الفيوم.

اختلفت الروايات حول أصل اسم «الفيوم» فالمرجح أنها كانت قديمًا تدعى «Chdat أو Chedit» وتعني الجزيرة، لأنها كانت حينها واقعة في بحيرة موريس “بحيرة قارون حاليًا”، وكان اسمها الديني «Per Sebek» ومعناه دار التمساح؛ لكون التمساح معبود أهل الفيوم قديمًا؛ ولذلك أسماها الرومان «Crocodilopolis» بمعنى مدينة التمساح. وفي عصر البطالمة سماها بطليموس الثاني فيلادف «Arsinoe» نسبة لزوجته أرسينويه، كما سمى الإقليم أيضاً بنفس الاسم.

سماها أيضًا القبط  «Piom» ومعناها قاعدة بلاد البحيرة، لأن كلمة «Piom» التي عرفت فيما بعد باسم «Phiom» تتكون من كلمتين وهما «Pi» وتدل على المكان والتعريف، وكلمة «Im» ومعناها اليم أو البحيرة أو البحر، ومن هذه الكلمة «Phiom» أخذ العرب كلمة «فيوم»، وأضافوا إليها أداة التعريف، فأصبح «الفيوم» هو اسمها العربي

هناك رأي آخر يقول أن اسمها جاء في النصوص المتأخرة من العهد الفرعوني «بيوم» بمعنى البحيرة أو الماء، ثم وردت في القبطية باسم «فيوم»، ومع انتشار اللغة العربية أضيف إليها أداة التعريف فأصبح «الفيوم» هو اسمها العربي.

تسمى المحافظة ب «مصر الصغرى»؛ لكونها صورة جغرافية مصغرة لمصر، حيث يقابل بحر يوسف بالنسبة للفيوم نهر النيل بالنسبة لمصر وتقابل بحيرة قارون ساحلها الشمالي كما يمثل البحر المتوسط بالنسبة لمصر، وقد  وردت بعض الروايات الضعيفة التي تنسب الاسم إلى عهد النبي يوسف -عليه السلام- لما استغرقه بناء المدينة من وقت قُدر بـ «ألف يوم».

أين تقع محافظة الفيوم؟

تحتل محافظة الفيوم موقعًا خاصًا في قلب جمهورية مصر العربية، حيث تجمع بين الجمال الطبيعي والتاريخ العريق، تأسست المحافظة على الضفة الغربية لنهر النيل،أي في صحراء مصر الغربية، وتشتهر بوفرة مياهها وتنوع تضاريسها، مما يجعلها واحدة من الوجهات السياحية المميزة، وهي إحدى محافظات الوجه القبلي، وواحدة من سبع وعشرين محافظة بمصر، وتحدها من الشمال محافظة بني سويف ومن الجنوب محافظة المنيا، ويُعتبر مركز محافظة الفيوم هو مدينة الفيوم.

كم عدد مراكز وقرى الفيوم؟

تنقسم الفيوم إلى حيّين سكنيّين تفصلهما ترعة بحر يوسف، الذي تنتصف مدينة الفيوم، وتضم المحافظة ستة مراكز وهم:

  • الفيوم: وهو المركز الرئيسي ويضم 38 قرية.
  • أبشواي: ويضم 16  قرية.
  • إطسا: ويضم 46 قرية.
  • سنورس: ويضم 24 قرية.
  • طامية: ويضم 21 قرية.
  • يوسف الصديق: ويضم 17 قرية.

تعداد الفيوم ومساحتها

طبقًا لإحصائيات عام ٢٠٢٢ فإن تعداد سكان المحافظة  يقرب من 4.1 ملايين نسمة، في مساحة يبلغ قدرها حوالي 18.5 كليومترًا مربعًا.

تاريخ محافظة الفيوم

كانت الفيوم خلال العصر الفرعوني جزءاً من المقاطعة العشرين من مقاطعات الوجه القبلي، والتي كانت عاصمتها إهناسيا آنذاك – أحد مراكز محافظة بني سويف حاليًا -، وكانت تعتبر  أحد مراكز الصيد المتمحورة حول بحيرة موريس – بحيرة قارون حاليًا-، ومع دخول العصر البطلمي أنشئت مدينة “كرانيس” والتي تقع في الشمال من مدينة الفيوم الحالية وإلى الشرق من بحيرة قارون، وازدهرت في العصر الروماني، ثم انهارت مع نهاية القرن الثالث الميلادي وبداية القرن الرابع.

كان السبب وراء إنشاء هذه المحافظة هو تسكين المهاجرين الإغريق وكانت منطقة زراعية منذ عصر البطالمة حتى العصر الروماني. واختلف المؤرخون حول تاريخ الحملة التي أرسلها عمرو بن العاص لفتح إقليم الفيوم، فمنهم من يرى أنه أرسل في يونيو عام 640 فرقة لمهاجمة الفيوم أثناء حصاره لحصن بابليون، بينما يرى الفريق الآخر أن المسلمين لم يسمعوا عن الفيوم إلا بعد مرور عام على دخولهم مصر وبعد سقوط حصن بابليون، حينما دلهم إليها بعض المصريين خلال العصر الحديث، وقف شعب الفيوم ضد الاحتلال الإنجليزي أثناء ثورة 1919 بقيادة حمد باشا الباسل واعتبر يوم ثورتهم في ١٥ مارس عيدًا قوميًا للمحافظة.

شعار الفيوم

تعتبر السواقي رمز شعار للفيوم، وتمتاز المحافظة بنوع فريد عن بقية محافظات مصر، ووفاء لدورها في نشر الخضرة والزراعة في ربوع الفيوم فقد تم وضعها كشعار للفيوم، يتكون تصميم شعار علم الفيوم من سواقى ونسر وعلم مصر باعتبار أن الفيوم واحدة من أقاليم مصر تعتز بالانتماء إلى الوطن الأم، ويظهر العلم باللون الأخضر ويعود ذلك للصفحة الزراعية الغالبة في المحافظة.

أهم الأنشطة الاقتصادية بالفيوم

تتنوع وتتعدد الأنشطة الاقتصادية بمحافظة الفيوم من سياحة وزراعة وصناعة، وتنقيب عن البترول، وفيها يلي سنعرض بعضًا عنها بشيء من التفصيل:

السياحة في الفيوم

تعتبر الفيوم من أهم المناطق السياحية فى مصر، حيث تتجمع فيها كل عناصر الجذب السياحي، وتمتاز بجمال الطبيعة وجوها المعتدل طول العام، وقد ظهرت فيها حضارات ماقبل التاريخ، والتى تركت بصمتها الخالده من خلال الآثار الفرعونية واليونانية والرومانية والقبطية والإسلامية، لنتعرف على أهم معالمها:

محمية قارون بالفيوم

محورها بحيرة قارون، وهي الأثر المتبقي لبحيرة موريس القديمة والتي كانت من أغنى مراكز الصيد القديمة ولذلك تعد من أقدم البحيرات الطبيعية، يشتمل الجزء الشمالي للبحيرة على منطقة جبل قطراني التي اشتهرت بتوافر رواسب حفرية بحرية ونهرية وقارية يرجع عمرها إلى حوالي 40 مليون سنة.

محمية وادي الريان بالفيوم

هو منخفض عميق من الحجر الجيري الإيسوني، وتقع المحمية على مسافة 170 كم تقريبًا من القاهرة جنوب غرب منخفض الفيوم، ينخفض مستوى الوادي عن مستوى سطح البحر، ويعرف الوادي بشلالاته العديدة وجماله الطبيعي، باعتباره بيئة طبيعية للحيوانات البرية والطيور المهاجرة النادرة.

قصر التيه بالفيوم

قصر التيه أو اللابرنت يقع بمنطقة هوارة وهو معبد بناه أمنمحات الثالث ملاصقًا لهرم هوارة وكان يضم 12 بهوًا كلها مسقوفة، ستة منها جهة الشمال وستة جهة الجنوب، ولها بوابات متقابلة، ويحيط البناء كله جدار واحد، كما كان يوجد بالمبنى نوعان من الحجرات نصفها تحت الأرض والنصف الآخر على سطح الأرض، ويقدر عدد هذه الحجرات بـ 300 حجرة، والحجرات السفلية بها ضريح الملك وأحزمة التماسيح المقدسة، ولم يتبقى من هذا الأثر حتى الآن إلا بعض الآثار من أعمدة الطابق العلوي.

محمية وادي الحيتان بالفيوم

يقع وادي الحيتان داخل محمية وادي الريان والتي تغطي مساحة 1759 كيلومترًا، وعثر في وادي الحيتان على 10 هياكل كاملة لحيتان كانت تعيش في تلك المنطقة قبل نحو 40 مليون سنة، حيث كانت جزءًا من محيط كبير يشمل شمال إفريقيا،  صنفت منطقة وادي الحيتان كمنطقة تراث عالمي واختارتها اليونسكو كأفضل مناطق التراث العالمي للهياكل العظمية للحيتان.

يُشتهر وادي الحيتان بوجود حفرياة حيتان كاملة عمرها 40 مليون سنة، بالإضافة إلى حفريات بحرية عديدة يمكن رؤيتها في المتحف المفتوح بدون لمسها لحمايتها.

قصر قارون “ديونسياس” بالفيوم

يقع القصر على الطرف الجنوبي الغربي لبحيرة قارون على بعد 50 كم من مدينة الفيوم، وما زال محتفظًا بجميع تفاصيله وشكله العام ويزين مدخله قرص الشمس كما تزين مداخله رسوم بارزة، ويعد القصر من بقايا مدينة ديونسياس التي تم تأسيسها في القرن الثالث، وازدهرت في العصر الروماني.

متحف الكاريكاتير بالفيوم

هو أول متحف لفن الكاريكاتير بالشرق الأوسط، ويقع بقرية تونس المطلة على بحيرة قارون، ويعد جهة لهواة الفن الساخر وفناني هذا المجال، يضم المتحف حوالي 350 لوحة كاريكاتيرية من بداية القرن العشرين حتى الوقت الحاضر، بمشاركة أربعين فنانًا منهم أحمد طوغان، جورج البهجوري، صاروخان، مصطفى حسين، ومعظم اللوحات أصلية، وتعود أقدم رسومات المجموعة لعام 1927، تأسس المتحف عام 2009 على يد الفنان التشكيلي محمد عبلة بمجهود شخصي.

قرية تونس بالفيوم

هي قرية سياحية، تقع على ضفاف بحيرة قارون، وتبعد 60 كيلو مترًا عن مدينة الفيوم، وأكثر من 100 كيلو مترًا، وتضم القرية 250 منزلًا أنشأها المعماري حسن فتحي، وتعد القرية مركزًا لصناعة الأشغال اليدوية، لعمل أبنائها بحرفة صناع  الفخار والخزف، كما يوجد بها حدائق ومباني ريفية، وهي وجهة لمحبي الصيد.

البحيرة المسحورة بالفيوم

تقع وسط صحراء الفيوم بجوار بحيرة قارون الأكثر شهرة وصيتًا بين معالم الفيوم السياحية والأثرية، وتعد “البحيرة المسحورة” من أجمل بقاع مصر لممارسة رياضات التزحلق على الرمال، وتسلق الجبال، والسباحة، والتحليق بالمظلات “البراشوت”.

تقع البحيرة بين الجبال المرتفعة والكثبان الرملية التي تحيطها بها من 4 جهات ومياهها تمتاز بالعذوبة الشديدة وغير معروف المصدر الرئيسي المكون لها، كما أن لون المياه يتغير عندما تسطع الشمس ناحيتها، لذا سميت بـ المسحورة.

مسجد الأمير سليمان “المسجد المعلق” بالفيوم

يقع المسجد وسط مدينة الفيوم وعرف باسم “المعلق”؛ لأنه مرتفع عن سطح الأرض حيث بني على ارتفاع عالي، بالإضافة إلى وجود  دكاكين أسفله كان يخصص ريعها للإنفاق على صيانة المسجد والحفاظ عليه، ويطلق على المسجد “أزهر الفيوم” لكونه متشابهًا  بشكل كبير في شكل الصحن الداخلي بينه وبين الجامع الأزهر.

متحف كوم أوشيم “كرانيس” بالفيوم

يقع متحف كوم أوشيم عند مدخل مدينة كرانيس الأثرية، وهو المتحف الأثري الوحيد بالمحافظة، أنشئ عام 1974، وتم زيادة مساحته في عام 1993، حيث تم بناء دورًا علويًا به، وفي عام 2006 أغلق لمدة عشر سنوات، وافتتح مرة أخرى بعد إعادة ترميمه، وبه 320 قطعة أثرية، يحكي من خلال سيناريوهات العرض المتحفي تاريخ محافظة الفيوم، وعادات وتقاليد ساكنيها منذ أقدم العصور، وكذلك الفكر الديني الذي اعتنقه أهل المحافظة على مدار العصور القديمة.

الزراعة في الفيوم

تشتهر المحافظة بحرفة الزراعة، حيث تبلغ المساحة الزراعية بالمحافظة 434.6 ألف فدان وتشتهر بزراعة الفاكهة، من أهمها العنب والتين، كما يزرع بها جميع المحاصيل التقليدية، وأشهرها القمح والقطن والأرز والذرة الشامية وبنجر السكر وعباد الشمس.

المزارع السمكية

تمتلك محافظة الفيوم مساحة شاسعة من المسطحات المائية ممثلة في كل من بحيرة قارون ومسطحات الريان والتي تبلغ مساحتهما معاً حوالى 90 ألف فدان وتمثلان مصدرً هامًا من المصادر الرئيسية للثروة السمكية في مصر، بالإضافة إلى المزارع السمكية الأهلية، والموزعة ما بين مزارع سمكية وأقفاص سمكية ومرابي طبيعية.

البترول

تقود عملية التنقيب عن البترول الخام بالمحافظة شركة قارون للبترول، وتقوم بالشراكة مع الشركات الأجنبية بإشراف من الهيئة المصرية العامة للبترول باستخراج البترول من عدة آبار داخل حقول في جهات متعددة من أنحاء المحافظة، من أشهرها مناطق وادي الريان وبحيرة قارون وقرية سيلا. وتتم عمليات الحفر بأسلوب اقتصادي دون الحاجة إلى معدات ثقيلة، مع الحفاظ على النظام البيئي.

الصناعة في الفيوم

يوجد بالفيوم منطقتين صناعيتين هما: مدينة الفتح الصناعية بكوم أوشيم ومساحتها 1102 فدان، والثانية بنقطة قوتة ومساحتها 2000 فدان، وتضم المنطقتين عدة مشروعات تعمل في إنتاج زيت عباد الشمس والسيراميك والثلاجات وصناعة المسامير والبويات، بالإضافة إلى وجود صناعات خارج المناطق الصناعية، تعمل في مجالات غزل القطن وتصنيع الأعلاف والخزف والفخار وسكر البنجر وصناعات الكليم والسجاد.

الحرف اليدوية

تعد الحرف اليدوية بالمحافظة أحد مصادر الدخل الهامة لمواطني المحافظة، ومن أهمها (صناعة السجاد اليدوي، صناعة السلال والدوبار، صناعة تجفيف المواد الغذائية) وأقامت الدولة مركزًا للحرف اليدوية بعين السيليين، يهدف المركز إلى إحياء المنتجات اليدوية المحلية والحرف التقليدية ومنح الححرفيين فرصة لعرض وتطوير موهبتهم، مما يساعد في زيادة دخل هذه الأسر العاملة.

في هذا المقال عرضنا أهم المعلومات حول محافظة الفيوم، من تاريخها لأهم المعالم الموجودة بها، يبقى لك أن تزورها لتشاهد هذه المعالم علي الأرض الواقع وتشاركنا تجربتك بقسم التعليقات بالأسفل!



وسام عبدالنبي

طالبة بكلية العلوم، وأدرس في مجال الكيمياء الحيوية، أحب الكتابة، وأجيد كتابة المقالات في مجالات متعددة، مثل المقالات العلمية والطبية، والصحية وغيرهم. وأرجو من عملي هذا علمًا يُنتفع به.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى